لقد جاء في قرار لمحكمة التمييز الأردنية أنه (وإن كان من يدعي حصول التعسف ملزم بإثباته من حيث
الأصل إلا أن المدعى عليه صاحب العمل الذي يدعي بأن الفصل كان قانونيا ولا تعسف
فيه يقع عليه عبء إثبات مشروعية الفصل وفق الأحكام القانونية، حيث أن المدعى عليها
صاحبة العمل إدعت بمشروعية فصلها للمدعية العاملة فإن عبء إثبات ذلك يقع عليها
"صاحبة العمل")(. وإذا لم يقدم صاحب العمل ما يثبت أن إنهاء
عمل العامل كان لأسباب مبررة فيكون فصله للعامل من العمل تعسفيا موجبا للتعويض.
فقررت محكمة التمييز (إثبات المميز ضده "العامل" من خلال بيناته أنه كان
يقوم بعمله على الوجه المطلوب وأنه كان جيدا في عمله ولا يوجد أي عداء بينه وبين
المميزه "صاحبة العمل"، وأن المميز قد أنهت عمله لديها دون سبب وعليه
وحيث أن المميزة لم ترغب في تقديم أي بينة في هذه الدعوة ولم تقدم ما يثبت أن فصل
المميز ضده كان لأسباب مبررة في نظرها فيكون بالتالي الفصل تعسفيا موجبا للتعويض
عملا بأحكام المادة (25) من قانون العمل)
والقضاء الأردني يميل لجانب العامل، بأن جعل صاحب العمل يثبت صحة قراره دون
افتراض لصحة هذا القرار ووضع على العامل إثبات التعسف فيه، وبطبيعة الحال يحق
للعامل أن يثبت ما قدمه صاحب العمل بإثبات صحة قراره بالفصل هو غير صحيح ليصل إلى
إثبات التعسف.
بينما المشرع المصري أخذ بقاعدة (يلزم من يدعي حصول التعسف بإثباته. فالأصل
أن صاحب الحق (لا يتحمل عبء إثبات مشروعية إستعمال الحق) لأن كل استعمال للحق هو
استعمال مشروع ما لم يقم الدليل على عكس ذلك، فالمادة (66) عمل استثنت حالة فصل
العامل بسبب نشاطه النقابي، ففي هذه الحالة بالذات يتحمل صاحب العمل عبء إثبات
المبرر المشروع للإنهاء، فالمشرع استثني هذه الحالة من القواعد العامة، ولا يتعارض
مع القاعدة الذي أخذ بها المشرع المصري إلزام صاحب العمل بتقديم مبررات لانهاء عقد
العمل لأن الإنهاء لا يكون مشروعا إلا إذا كان مبررا أو خاليا من التعسف (بحيث إذا
امتنع صاحب العمل عن تقديم أي مبرر للإنهاء عند الفصل أو أمام المحكمة، وأصر على
الامتناع كان للمحكمة أن تستنتج أن إنهائه بغير مبرر، وبالتالي يكون تعسفيا).
فعلى صاحب العمل واجب تقديم مبررات الإنهاء أمام المحكمة، وعلى العامل مدعي التعسف
أن يثبت عدم صحة أو جدية المبررات التي قدمها رب العمل أمام المحكمة فقد يعمد
العامل لإثبات التعسف وهي واقعة سلبية لانعدام المبرر من الإثبات بطريق غير مباشر
لإقامة الدليل على وقائع إيجابية مثل حسن قيامه بالعمل، وأدائه للإلتزامات
المفروضة عليه، أو أن ينسب غرض غير مشروع قصده صاحب العمل من الإنهاء فينتقل عبء
الإثبات إلى صاحب العمل ليرد على ادعاءات العامل فيعمل لتقديم مبررات الإنهاء،
والمحكمة رقيبة على هذه الأدلة.
وبالنسبة للمشرع اللبناني فأخذ بقاعدة أنه من يدعي حصول التعسف ملزم
بإثباته سواء كان رب العمل أو العامل، ولكن بالغالب فإن الإنهاء يقع من جانب رب
العمل وبالتالي يكون على العامل إثبات التعسف. وإن إنهاء العقد غير محددة المدة من
حق صاحب العمل، فإذا استعمل حقه بالإنهاء بالإرادة المنفردة ليس له أن يبرر هذا
الإنهاء لأنه يفترض حسن النية في الشخص الذي له حق الإنهاء ما لم يثبت العكس. فعلى
العامل مدعي التعسف إثبات ذلك ببيان الخطأ الذي ارتكبه رب العمل وقد يكون هذا
العبء صعب إذا لم تكن في الدعوى ظروف تعينه على الإثبات، فيلجأ العامل بإقامة دليل
غير مباشر، فيثبت بأنه لم يقصر في تنفيذ العقد وقد يقوم بالتدليل على استهداف رب
العمل غرضا معينا من الإنهاء وأنه غير مشروع، وهذا يتفق مع ما ذهب إليه القانون
المصري في حالة صعوبة الإثبات من قبل العامل.