التعهد بنقل ملكية عقار في
القانون المدنيّ الأردنيّ: نصوص القانون تقرأ معاً كوحدة واحدة وليس بمعزل عن
بعضها
تاريخ تسلم البحث:
21/9/2006م تاريخ قبوله للنشر:
14/2/2007م
يوسف عبيـدات و
بكر السرحـان
المقدمـة:
لا جدال في أن القاعدة العامة هي أن جزاء
عدم تنفيذ المدين لإلتزامه طوعاً في ظل القانون المدني الأردني هو حق الدائن في
اللجوء إلى المحكمة للمطالبة بالتنفيذ العيني الجبري، إلا إذا أصبح التنفيذ غير
ممكن،
فإنه عندها يتم اللجوء إلى التنفيذ بطريق التعويض. ولا يحتوي القانون المدني على
نصوص تفيد خلاف ذلك. القاعدة المتقدمة تقررها نص المادة
355 من القانون المدني الأردني
بقولها إنه: "1- يجبر المدين، بعد أعذاره،
على تنفيذ ما التزمه تنفيذا عينيا،
متى كان ذلك ممكنا. 2- على
أنه
إذا كان في التنفيذ ا لعيني إرهاق للمدين جاز للمحكمة،
بناء على طلب المدين،
أن تقصر حق الدائن على اقتضاء عوض نقدي إذا كان ذلك لا يلحق به ضررا جسيما".
ولا جدال، أيضاً، في أن القانون المدني الأردني يُدرَج من ضمن القوانين
التي تتطلب التسجيل لصحة التصرفات الواردة على الأموال غير المنقولة و هذا ما
أكدته محكمة التمييز في أحكامها. فقد أصبح من الثابت أن القاعدة العامة في هذا
الصدد أن التصرف الوارد على عقار هو تصرف شكلي، لا ينعقد إلا بإتمام المعاملة أمام دائرة التسجيل. إلا
أن المشرِّع الأردني نجده قد وضع نصوصا تفيد عدم التزامه بهذه القاعدة، وتدفعنا
إلى القول بوجود تذبذب تشريعي في التعامل مع هذا الموضوع، حيث هناك نصوص توحي بأن
التسجيل ركن في العقد([1])، ونصوص أخرى توحي بأن التسجيل سبب ناقل للملكية([2]). ولعل النص الأكثر إثارة للاهتمام هو نص المادة 1149 من
القانون المدني الأردني المتعلق بنظام التعهد بنقل ملكية عقار. هذا النص جاء:
2.
مقرراً أن إخلال أحـد طرفي التعهد بتعهده يقصر حق الطرف الآخر
على المطالبـة
بالتعويض
مباشرة،
دون الالتزام بالقواعد العامة التي تقتضي إعطاء الطرف المتضرر حق طلب التنفيذ
العيني أولاً.
ما يعنينا في هذا البحث، هو تحديد مدى
إمكانية تطبيق قاعدة التنفيذ العيني الجبري كجزاء لعدم التنفيذ، و قاعدة التسجيل
كركن في التصرفات الواردة على عقار، على نظام التعهد بنقل ملكية عقار، تطبيقاً إلى
ما سنطلق عليه في هذا البحث مبدأ "نصوص القانون تقرأ معاً كوحدة واحدة، و ليس بمعزل عن
بعضها"([4]). و سيتم، أيضاً، بيان مدى انسجام قرارات محكمة التمييز مع هذا المبدأ؟
كما سيتناول هذا البحث إمكانية تقريب نظام التعهد بنقل ملكية عقار من موضوع الوعد
بالتعاقد،
والاستغناء عن نظام التعهد، واستبداله بنظام الوعد بالتعاقد. وقبل تناول هذه
المسائل سيتم دراسة شرط التسجيل اللازم لتمام التصرفات الواردة على عقار في
القانون الأردني، كخطوة أولى بهدف إظهار مدى التعارض بين النصوص المنظمة
لهذا الموضوع ومحاولة التوفيق بينها سيتم بحث هذا الموضوع، من خلال تناول مدى صلاح نظام التعهد بنقل ملكية عقار في
القوانين التي تعدُّ التسجيل ركنا في التصرفات الواردة على عقار، وفي القوانين التي
تعدُّ التسجيل سبباً لنقل الملكية.
لذلك نقسم هذا البحث إلى ثلاثة مباحث، نتناول في المبحث
الأول ركن التسجيل في نظام التعهد بنقل الملكية، و في المبحث الثاني مبدأ نصوص
القانون تقرأ كوحدة واحدة و ليس بمعزل عن بعضها، وأثره على نص المادة 1149 من القانون المدني الأردني، وموقف محكمة
التمييز من هذه المسألة، و في المبحث الثالث نتناول مدى إمكانية اعتبار التعهد
بنقل ملكية عقار وعدا بالتعاقد في ظل مبدأ نصوص القانون تقرأ معا كوحدة واحدة؟
المبحث الأول
التسجيل في نظام التعهد بنقل ملكية عقار حسب نص المادة
1149
تنص المادة 1149 من القانون المدني الأردني على أن:"
التعهد بنقل ملكية عقار يقتصر على
الالتزام بالضمان، إذا أخل أحد الطرفين بتعهده، سواء أكان التعويض قد اشترط في
التعهد أم لم يشترط".
التعهد بنقل ملكية عقار
حسب منطوق نص المادة 1149([5]) هو
اتفاق يتعهد فيه شخص يسمى المتعهد، وهو المالك في هذا الصدد، إلى شخص آخر يسمى المتعهد له
بإتمام الشكلية التي يتطلبها القانون لصحة العقد، وذلك بالذهاب إلى
دائرة التسجيل لنقل ملكية عقار من اسمه إلى اسم المتعهد له (جمعة، 2005م. الجبوري،
2002م. أ. السرحان وخاطر، 2005م). يظهر من هذا التعريف الذي تشير إليه المادة 1149
من القانون، والذي بقي معتمدا حتى صدور قرار محكمة التمييز لعام 2005م الذي سنشير
إليه كاملا فيما بعد، أن التعهد يختلف عن عقد الوعد بالتعاقد([6])،
من حيث إنه لا يعدُّ عقداً شكليا؛ لأنه لا يتطلب التسجيل لقيامه،
وإنما هو عقد رضائي يكفي فيه التراضي، وبالتالي، فإنه يعدُّ صحيحا
حتى ولو لم يسجل في دائرة التسجيل، حسب منطوق نص المادة 1149.
ويتبين من نص المادة 1149 أعلاه أن التعهد
غير ملزم للمتعهد بالذهاب إلى دائرة التسجيل وتسجيل العقار باسم المتعهد له. غاية
الأمر انه إذا رفض المتعهد إتمام عملية التسجيل، فإن للمتعهد له حق المطالبة
بالتعويض([7]) دون
التنفيذ العيني. هذا على عكس الحال في الوعد بالتعاقد، حيث فيه للموعود
له حق اللجوء للمحكمة وطلب التنفيذ العيني وعندها يقوم حكم المحكمة مقام العقد([8]). فلو درسنا نص المادة 1149 جيدا لوجدنا أنه هذا هو
الرأي الواضح من منطوق النص؛ لأن ما يفهم منها هو أن التعهد بنقل ملكية عقار هو
عقد غير مسمى، وبالتالي فإن القاعدة تستلزم إخضاع هذا العقد للمبدأ العام في العقود،
وهو مبدأ الرضائية، حيث إن الشكلية تعدُّ استثناءً على هذا المبدأ،
ولا تقرر إلا بالقانون أو الاتفاق (السرحان و خاطر، 2005 ). وعليه،
وإن كان –حسب النصوص الحالية- شرط الشكلية ضروريا لصحة الوعد بالبيع إلا أنه لا
يعدُّ كذلك بالنسبة للتعهد بنقل ملكية عقار حسب منطوق نص المادة 1149 (جمعة، 2005). ولذلك،
متى يكون شرط التسجيل ضرورياً بالنسبة للتعهد بنقل ملكية عقار؟ هل عندما يكون
التسجيل شرطا لنقل الملكية، أم عندما يكون ركنا في العقد؟ لذلك نتناول الحالتين كلا
في مطلب مستقل .
المطلب الأول : التسجيل سبب لنقل الملكية:
يعدُّ القانون المصري خير مثال على
القوانين التي تعدُّ العقود الواردة على الأموال غير المنقولة عقودا رضائية تتم
بمجرد ارتباط الإيجاب بالقبول، تنص المادة التاسعة من قانون تنظيم الشهر العقاري
المصري([9]) على
أن: "1- جميع التصرفات التي من شأنها إنشاء حق من الحقوق العقارية الأصلية،
أو نقله، أو تغييره، أو زواله، وكذلك الأحكام النهائية المثبتة لشيء من ذلك يجب شهرها
بطريق التسجيل، ويدخل في هذه التصرفات الوقف والوصية. 2- ويترتب على عدم التسجيل أن
الحقوق المشار إليها لا تنشأ، ولا تنتقل، ولا تتغير، ولا تزول بين ذوي الشأن، ولا بالنسبة
لغيرهم. 3- ولا يكون للتصرفات غير المسجلة من الأثر سوى الالتزامات الشخصية بين
ذوي الشأن".
يتبين بوضوح من هذا النص أن التصرفات
الواردة على الأموال غير المنقولة ليست تصرفات شكلية. فعقد البيع الوارد على عقار
مثلا وغير المسجل في دائرة التسجيل يعدُّ عقداً قائماً وصحيحاً ينشىء جميع
الالتزامات المترتبة على عقد البيع إلا الالتزام بنقل الملكية،
فإنه يتراخى إلى ما بعد إجراء عملية التسجيل. أما الأحكام الأخرى المتعلقة بعقد
البيع فتبقى سارية، فعقد البيع قبل التسجيل يولد التزامات شخصية في ذمة البائع
والمشتري، حيث ينشأ في ذمة البائع الالتزام باتخاذ الإجراءات اللازمة لإتمام عملية
التسجيل الضرورية لنقل الملكية، والالتزام بتسليم المبيع للمشتري، والالتزام بضمان
العيوب الخفية والتعرض و الاستحقاق. كما تنشأ التزامات متقابلة في ذمة المشتري،
وهي الالتزام بدفع الثمن، وتسلم المبيع. أما إذا ما امتنع البائع عن تنفيذ
التزامه الرئيسي وهو تسجيل ملكية المبيع باسم المشتري كان للأخير الحق في المطالبة
بتنفيذ هذا الالتزام، بلجوئه إلى القضاء مطالباً بالتنفيذ العيني.
لذلك يذهب رأي في الفقه (السرحان وخاطر،
2005م) أن نص المادة 1149 من القانون المدني الأردني هو هفوة من هفوات المشرِّع
الأردني، لأن حكم هذه المادة يأتي منطقياً لو أن القانون نص على أن التسجيل هو سبب
لنقل ملكية العقار، كما هو الحال في القانون المصري([10]). لكن لو استعرضنا النصوص لوجدنا بأن القانون الأردني
يتضمن نصا ينسجم مع الموقف الذي يتبناه المشرِّع المصري، وهو نص المادة 1148 حيث
يقول إنه: " لا تنتقل الملكية، ولا الحقوق العينية الأخرى بين المتعاقدين،
وفي حق الغير إلا بالتسجيل وفقا لأحكام القوانين الخاصة". هذا النص يشير إلى
أن التصرفات الواردة على عقار تمت فيه التسوية كالبيع ليست تصرفات شكلية؛ لأنه لم
يعدُّ التسجيل ركنا في العقد، وبالتالي فالعقد يكون صحيحا نافذا قبل التسجيل،
إلا إنه يشترط، لسريانه في حق المتعاقدين والغير، تسجيله في دائرة
التسجيل. وبالتالي، فإن العقد يكون صحيحا إلا أن نقل الملكية لا يتم بمجرد
انعقاد العقد، وإنما يتراخى لحين إجراء عملية التسجيل في دائرة التسجيل. فعدم التسجيل لا
يعني عدم انعقاد العقد أو بطلانه (العبيدي، 2005).
وبناءً على ذلك، يمكن القول أن نص
المادة 1149 ينسجم و نص المادة 1148،
وبالتالي عدم وقوع المشرِّع الأردني في
الهفوة التي يتحدث عنها هذا الرأي، لأن المشرِّع الأردني لم يحدد موقفه بوضوح من
مسألة تطلب التسجيل لتمام العقد. فما يمكن قوله هو وجود عدم الانسجام بين نصوص
المواد كافة؛ لأن الهفوة الحقيقية التي وقع فيها المشرِّع الأردني هي الاستقاء
العشوائي لنصوص القانون المدني الأردني (الفتلاوي، 2002م). فصاحب الرأي الذي يذهب
إلى أن نص المادة 1149 هو هفوة وقع فيها المشرِّع الأردني لا يكون استنتاجه خاطئا
إذا ما استند إلى نص المادة 16/3 من قانون تسوية الأراضي والمياه([11])،
وإلى الاتجاه السائد في أحكام محكمة التمييز، ولكنه بالتأكيد يعد استنتاجاً يجانبه
الصواب، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار نص المادة 1148 من القانون المدني كما بينا
أعلاه. ونخلص إلى أن نظام التعهد بنقل ملكية عقار المنصوص عليه في المادة 1149،
والتي لا تنص على التسجيل كشرط لقيام التعهد، يكون منطقياً لو
أن القانون نص على أن التسجيل هو سبب لنقل ملكية العقار.
المطلب
الثاني: التسجيل ركن لتمام العقد:
لا خلاف على أن الأصل العام في العقود هو الرضائية([12]). إلا إنه على الرغم من حرية الإرادة هذه فقد استثنى القانون
من عموم
هذه القاعدة العقود الشكلية([13]) التي اشترط لتمامها استيفاء شكل معين وإلا عُد العقد باطلا([14]).
يستفاد من المادة 168 من
القانون المدني أنها عدَّت العقد الذي لم يتم حسب الشكل، الذي فرضه القانون
لانعقاده، باطلا، ولا يترتب عليه أثر، ولا ترد عليه الإجازة([15]). فالعقود الشكلية هي
العقود التي يجب
لانعقادها إلى جانب
تطابق الإيجاب والقبول إفراغ الاتفاق في شكل خاص يوجبه القانون، بحيث يتراخى ترتيب
الأثر القانوني، أي حكم العقد وحقوق العقد، إلى حين استكمال الشكلية التي يتطلبها
القانون. الهدف من فرض هذه الشكلية وعدم الاكتفاء بالرضائية في بعض العقود هو
تنبيه الأطراف إلى خطورة هذا التصرف الذي أقدموا عليه وأهميته، ولجعل الغير على
بينة وعلم بمضمونه (الداوودي، 1998). ففي التصرفات التي ترد على العقارات، أو على أي حق عيني متعلق بها سواء،
أكان هذا التصرف بيعاً، أم مقايضةً، أم هبةً، أم قسمةً، أم رهناً، يتطلب القانون الأردني أن يكون مسجلاً في
دائرة التسجيل.
وهذا ما أوضحته المادة 16/3 من قانون تسوية
الأراضي والمياه رقم 40 لسنة 1952م بصراحة،
حيث تقرر بأنه "في الأماكن التي تمت التسوية فيها لا يعدُّ البيع والمبادلة
في الأرض والمياه صحيحا إلا إذا كانت المعاملة قد جرت في دائرة التسجيل". لكن
نص المادة 1148 من القانون المدني جاء ليميل إلى الاتجاه الأول السابق الحديث عنه،
وهو اعتبار التسجيل ضروريا لنقل الملكية لا لانعقاد العقد([16]). لا يستطيع أحد أن ينكر التناقض القائم بين نص المادة
1148 من القانون المدني، والمادة 16/3 من قانون تسوية الأراضي، إلا إن محكمة
التمييز، وهي صاحبة السلطة في تفسير النصوص، اتجهت إلى حل هذا
التناقض، وعدم الانسجام بين النصين وعدّت أن التسجيل رُكنٌ في العقد في كثير من
أحكامها، فتخلفه يعني تخلف العقد وبطلانه.
وتطبيقا لذلك، قضت محكمة التمييز
بأنه" إذا كان عقد البيع موضوع الدعوى هو عقد جارٍ خارج دائرة التسجيل ، فقد
نصت الفقرة (3) من المادة (16) من قانون تسوية الأراضي
والمياه رقم 40 لسنة 1952م على بطلان مثل هذا العقد وعدّته جريمة يعاقب كل من كان
طرفاً فيها بالغرامة"([17]). وتقول محكمة التمييز "إن
الاجتهاد القضائي يذهب إلى أن العبرة في ملكية الأموال غير المنقولة التي نشأت عن
البيع يكون بثبوت واقعة التسجيل في صحيفة بيع الأموال غير المنقولة، على اعتبار أن
التسجيل هو ركن انعقاد،
وليس مجرد تقرير عقد البيع من الطرفين"([18]). كما يستفاد، أيضاً، من المادة 105/ 1و2 من القانون المدني المتعلقة في
الاتفاق، الذي يتعهد بموجبه كلا المتعاقدين
أو إحداهما بإبرام عقد معين في المستقبل،
أنها نصت صراحة بأنه إذا اشترط القانون لانعقاد العقد إفراغه في قالب معين يجب
مراعاته، أيضاً، في الاتفاق الذي يتضمن الوعد بإبرام هذا العقد([19]).
لذلك يذهب أحد الآراء (السرحان و خاطر،
2005م) إلى أنه بما أن ما هو ثابت بمعظم نصوص القانون وبالاتجاه السائد لدى محكمة
التمييز، وهو أن التسجيل يعدُّ ركناً في كل التصرفات التي ترد على عقار، كان منطقيا
أن يكون التسجيل ركنا في جميع الاتفاقات التمهيدية للتصرفات الواردة عليه،
سواء أكانت وعداً، أم تعهداً بنقل الملكية. وقد التزم المشرِّع الأردني
بهذا الاتجاه في المادة 20 من قانون ملكية الطوابق والشقق([20])،
والتي تذهب إلى أن الاتفاق الذي يتعهد فيه شخصان متعاقدان، أو أكثر على إبرام
عقد في المستقبل يبيع بموجبه أحدهما للآخر شقة، أو طابقاً،
أو بناية، لم يباشر بإنشائها أو كانت تحت الإنشاء عند الاتفاق على ارض تمت التسوية
فيها، فقد ذهبت المادة المذكورة إلى أن هذا
الاتفاق اتفاقاً قانونياً وملزماً
للمتعاقدين في حالة توثيقه لدى مديرية تسجيل الأراضي المختصة([21]).
نلاحظ بأن نصوص القانون المدني الأردني
المتناقضة وخاصة المادة 1148 مع المادة 16/3 من قانون تسوية الأراضي والمياه، لا
تسعف على الإطلاق للقول بأن القانون المدني الأردني قد اعتمد الاتجاه الذي يذهب
إلى اعتبار تسجيل العقد في دائرة التسجيل ركنا في العقد. فعلى الأقل نستطيع القول
بأن محكمة التمييز وحدها هي التي تؤكد أن هذا هو الوضع في القانون الأردني. إلا
إنه يؤخذ على محكمة التمييز([22]) أنها تفسر في بعض
أحكامها- وهو تفسير يعوزه الدقة، مع كل الاحترام والتقدير- أن نص المادة 1148 يؤيد هذا
الاتجاه حيث قضت أن "العقد المقصود
بنص المادة (107) من القانون المدني هو العقد الصحيح الذي توافرت أركان انعقاده،
وليس عقد البيع الذي يقع خارج دائرة
التسجيل و يكون باطلا،
ولا يرتب أثراً عملا بالمادة 16/3 من قانون التصرف بالأموال غير المنقولة، والمادة 1148 من
القانون المدني"([23]).
وبالتالي، يمكن القول إن الإجماع القانوني، سواء في نصوص القانون أو أحكام محكمة التمييز، ليس له طريق واحد على العقد الناقل للملكية ذاته، ولذلك
فإن الحال في نصوص القانون المدني والقوانين ذات العلاقة يكتنفه شيء من الغموض.
فقانون تسوية الأراضي والمياه لعام 1952م جاء ينص على أنه "لا يعتبر البيع
صحيحاً"([24])، ويمكن الاستناد على أنه يَعدُّ
التسجيل ركنا لابرام العقد، لكن بعد هذا القانون بـ 24 عام جاء نص المادة 1148 من
القانون المدني ليعلن الولاء للاتجاه المناقض تماما بأن التسجيل هو سبب لنقل
الملكية([25]). فلو أراد المشرِّع الأردني أن
يحسم الأمر لوضع نصا في القانون المدني يؤكد ما جاء في قانون التسوية، لكن المسألة
جاءت على النقيض تماماً في المادة 1148.
المخرج من هذا الوضع هو أنه،
بما أن قانون تسوية الأراضي والمياه قانون خاص ويعمل به عند التعارض مع نص عام([26])، وبما أن ما استقر عليه اجتهاد محكمة التمييز الآن يذهب
إلى أن عقود التصرف بالأموال غير المنقولة هي من العقود الشكلية التي لا يتم العمل
القانوني فيها إلا باستيفاء ركنها الشكلي الذي عينه القانون،
وهو إجراء المعاملات في دوائر تسجيل الأراضي، فإننا نرى أن هذا هو الحال في
القانون الأردني، ولذلك نقترح تعديل نص المادة 1148 لتؤدي هذا الغرض،
وكل ما هو متصل بها في القانون المدني والقوانين ذات الصلة.
المبحث الثاني
مبدأ "نصوص القانون تقرأ معا
كوحدة واحدة": أثره على نص المادة 1149
يعني مبدأ
"نصوص القانون تقرأ معا كوحدة واحدة"([27]) أنه عندما يصار إلى تطبيق نص من
نصوص القانون على واقعة ما فإن حكم هذا النص يجب أن يكون منسجما مع حكم النصوص
الأخرى في القانون والتي تعالج مع بعضها موضوعا واحدا. ويترتب على ذلك إمكانية
تطبيق حكم قانوني مصرح به في نص في القانون على واقعة ما لِيَنظم مع نص قانوني آخر
لحكم الواقعة على الرغم من عدم التصريح في هذا النص الأخير بما تم استيقاؤه من حكم
ورد في النص الأول. وعلة ذلك هو أن النصوص التي تعالج موضوعا واحداً يجب أن لا
تطبق بمعزل عن بعضها البعض. ولذلك، بما أن المبدأ القانوني السليم يقتضي ضمان الاستقرار التشريعي بالسير في
اتجاه واحد، وعدم التذبذب والاختلاف في أحكام المحاكم، وحتى ندعو نحن الكتاب
والقضاة ورجال القانون بشكل عام المشرِّع الأردني إلى مراجعة النصوص وتحقيق
الاستقرار الذي ننشد في تشريعنا، فإن نصوص القانون المدني الحالي يجب أن تقرأ معا كوحدة واحدة، وليس بمعزل عن بعضها.
فكيف يؤثر هذا المبدأ على التعهد بنقل
ملكية عقار الذي يعالجه نص المادة 1149 من ناحية اشتراط التسجيل لصحة التعهد، ومن
ناحية تقرير التنفيذ العيني كجزاء للنكول عن التعهد قبل اللجوء إلى التعويض؟
المطلب الأول: هل يوجب مبدأ "نصوص
القانون تقرأ كوحدة واحدة" التسجيل لصحة التعهد؟
مبدأ نصوص القانون تقرأ معا كوحدة واحدة
يقتضي قراءة نص المادة 1149 بالاتفاق مع نص المادة 16/3 من قانون تسوية الأراضي
والمياه، والمادة 105/2 من القانون المدني، وأن ينسجم حكمها مع الاتجاه السائد لدى
محكمة التمييز. فإن تم ذلك فإننا نقرر الاتفاق مع الرأي (العبيدي، 2005م) الذي
يذهب إلى أن التعهد بنقل ملكية عقار يجب أن يكون مسجلا في دائرة التسجيل،
كما هو الحال في عقد بيع عقار أو الوعد بالبيع، وذلك لمنع التحايل
على أحكام القانون الذي يتطلب التسجيل، حيث يكفي عندئذٍ ليضمن البائع على سبيل المثال وجود
مشتر في الحال، ومكنة عدم ضياع فرصة ربح عال ووفير يتمثل في الفرق بين قيمة العقار
وقت التعهد وقيمته وقت بيعه لمشتر جديد، أن يبرم عقد تعهد بنقل ملكية عقار ما دام
أن القانون لا يجبره أصلا على تسجيل التعهد وبالتالي، تقييده من التصرف
في ملكه مرة أخرى. وبالتالي، فإن مبدأ نصوص القانون تقرأ معا كوحدة واحدة،
يقتضي أن يكون التعهد بنقل ملكية عقار عقداً شكلياً يتطلب التسجيل.
وإذا ما كان هناك من يعترض على أن تسجيل
التعهد يؤدي إلى منع الشخص من التصرف في ملكه، وهو أمر غير جائز قانونا، فإننا من
أنصار من يذهب إلى القول بضرورة منع المالك من التصرف في العقار،
سواء أكان موضوعا للوعد، أم للتعهد وذلك خلال مدة
الوعد أو التعهد (جمعة، 2005)([28]). فيجب أن يمنع المتعهد من أن يجري أي تصرف ناقل للملكية،
كالبيع، أو الهبة، أو ترتيب أي حق عيني أصلي عليه أو تبعي، وبالتالي،
يجب ألا تكون تصرفاته نافذة في حق المتعهد له. فحكم الوعد بالتعاقد، وحكم التعهد
في هذه النقطة بالذات يجب أن يكون واحداً، وهو المنع لحين
انتهاء المدة. فكما أن الحكمة من تحديد مدة معينة ليمارس الموعود له خلالها خياره
بقبول الوعد أو رفضه هو لتلافي ما قد يجعل الواعد تحت رحمة الموعود له،
ومن ثم عدم السماح له بالتصرف في أمواله، طالما أن الموعود له لم يقرر القبول، فإننا نرى أن
العلة ذاتها تدعو إلى أن المتعهد في التعهد بنقل ملكية عقار يجب أن يمنع من قبل
دائرة التسجيل من التصرف في عقاره محل التعهد، وذلك حتى لا يكون المتعهد
له ألعوبة في يد المتعهد الذي إن وجد صفقة يحقق فيها كسبا أكبر قام ببيع العقار
لشخص آخر، خاصة إذا ما كان القانون يمنح المتعهد هذه الفرصة عندما لم يقرر بنص
المادة 1149 انه يشترط التسجيل لصحة التعهد، وعندما يقرر أن
الجزاء الوحيد لمخالفة أحكام التعهد هو التعويض، إن ثبت ضرر في
جانب المتعهد له.
وهذا هو الموقف الذي تبنته محكمة التمييز
في أحدث أحكامها، كما سنرى الآن، والذي نتناوله في
فرع مستقل.
الفرع الأول: موقف محكمة التمييز:
يمكن القول إن محكمة التمييز في تعاملها مع
هذا الموضوع قد تبنت اتجاهين، أولهما هو الالتزام بحرفية نص المادة 1149،
وذلك في عدم اشتراط التسجيل. إلا إنها عدلت عن هذا الاتجاه في أحدث قراراتها حيث
لجأت إلى تطبيق التفسير الذي يتلاءم والعدالة والمنطق،
من خلال تطبيق مبدأ نصوص القانون، يجب أن تقرأ وتطبق كوحدة واحدة، وليس بمعزل عن بعضها.
ونتناول هذين الاتجاهين كما يلي:
الاتجاه الأول: تطبيق نص المادة 1149 بمعزل عن النصوص القانونية الأخرى
(التعهد بنقل ملكية عقار هو عقد رضائي): تعرضت محكمة التمييز الأردنية لموضوع التعهد بنقل ملكية
عقار في أكثر من مناسبة، وفرقت في توجهها الأول بين عقد بيع عقار تم خارج دائرة
التسجيل، واتفاق يتعهد بمقتضاه المتعهد بإتمام عملية تسجيل العقار باسم المتعهد له
لتكتمل مرحلة نقل الملكية. فذهبت إلى أن العقد الأول هو عقد باطل بصريح نص المادة
16/3 من قانون تسوية الأراضي والمياه، أما العقد الثاني، وهو التعهد
بالتسجيل لدى الدوائر المختصة، فهو اتفاق صحيح وللمشتري حق المطالبة بما دفعه في حالة
النكول عن الفراغ، وذلك عملا بالمادة 1149 من القانون المدني،
ولم تشترط المحكمة لتقرير الضمان أن يكون التعهد مسجلا([29]). وقد كانت المحكمة قد بينت أن تعهد البائع بالذهاب إلى
دائرة التسجيل وتسجيل البيع هو تعهد غير ملزم للمتعهد، ولا يجبر على
تنفيذه، وأنه ليس في القانون ما يمنعه، بل على العكس، فإن فيه ما يجيزه
بنص المادة 1149 وإن كان النكول عنه يرتب الضمان على الناكل([30]). فقد قضت محكمة التمييز بأن: "عقد بيع ارض واقعة في مكان
تمت فيه التسوية يعتبر عقداً باطلاً ويكون كل فريق فيه عرضة للعقاب عملاً بالفقرة
الثالثة من المادة 16 من قانون تسوية الأراضي والمياه رقم 40 لسنة 1952م. إن ما
ذهبت إليه المحاكم في أحكام سابقة من أن مشتري الأرض يستحق العطل والضرر الناجم عن
النكول عن عقد البيع العادي إنما كان مبنياً على أساس أن العقد كان يتضمن تعهد
البائع بالذهاب إلى دائرة التسجيل، وإجراء فراغ المبيع فراغاً رسمياً تطبيقاً لأحكام
القانون"([31]). وقضت أيضاً: "إن تعهد البائع بالذهاب إلى دائرة
التسجيل وفراغ المبيع هو عمل جائز قانونا؛ لأنه تعهد بإتباع حكم القانون الذي يوجب
إجراء الفراغ في تلك الدائرة، هو تعهد صحيح وغير باطل، ومن حق المدعي ان يطلب
الحكم له باسترداد ما دفعه مع العطل والضرر الذي لحقه من جراء النكول عن تنفيذ
التعهد خلال المدة المتفق عليها"([32]). لكن المحكمة عدلت عن هذا التوجه لتعود إلى قراءة نص
المادة 1149 بما يتفق ونصوص القانون الأخرى.
الاتجاه الحالي: تطبيق مبدأ "نصوص القانون تقرأ
معاً كوحدة واحدة" (التعهد بنقل ملكية عقار هو عقد شكلي): بدأت محكمة التمييز منذ عام 2002م تتجه شيئاً فشيئاً إلى
الاتجاه الذي يفضّل أن يكون عليه القانون لتحدد موقفها الحاسم الذي لم يوفق إليه
المشرِّع الأردني عند صياغته لنصوص القانون المدني عام 1976م، الذي جاء متعارضاً
مع ما ورد في قانون تسوية الأراضي والمياه لعام 1952. فكان الخيار أمام محكمة
التمييز يتراوح بين أمرين، أولهما: اللجوء إلى إخضاع عقود التصرف بالأموال غير
المنقولة أو أي اتفاق سابق عليها لشرط التسجيل في دوائر التسجيل،
وبالتالي اعتبارها من العقود الشكلية التي لا يتم العمل القانوني فيها إلا
باستيفاء ركنها الشكلي الذي عينه القانون، وهو إجراء
المعاملات في دوائر تسجيل الأراضي، والثاني اعتبار التسجيل سبباً ناقلاً لملكية
هذه الأموال، لا ركناً أساسياً لقيام العقد. أما أن يسلك القانون كلا المسلكين فهو أمر
منتقد و غير مقبول. فتارة يقرر القانون، ومعه محكمة التمييز، أن البيع أو الوعد
بالبيع الوارد على عقار هو عقد شكلي([33])، ثم نجده في مناسبة أخرى تتعلق بالتعهد بنقل ملكية عقار،
يتجه إلى أن هذا التعهد هو أقرب إلى أن يكون عقداً رضائياً،
لا يشترط فيه التسجيل إلا لنقل الملكية وليس لتقرير صحة العقد. لكن محكمة التمييز
تنبهت إلى عدم الانسجام هذا، فبدأت بقرارها عام 2002م لتقول: "إن أي اتفاق على
البيع أو الوعد بالبيع، أو التمليـك دون تسجيل ذلك في دائرة تسجيل الأراضي يقع
باطلاً وفق أحكام المادة 168 من القانون المدني. وعليه فإن الإقرارين اللذين
وقعهما المدعى عليه (المميز ضده ) بأن للمدعي (المميز) نصف قطعتي الأرض موضوع
الدعوى لا يشكل سبباً للملكية ، ولا يترتب عليهما أثر قانوني"([34]). يفهم ضمنا من هذا القرار أن التعهد بنقل ملكية عقار لم
يعد رضائيا يتم صحيحا خارج دائرة التسجيل.
الحسم والتصريح من قبل محكمة التمييز،
بتقرير مبدأ نصوص القانون، تقرأ معا كوحدة واحدة، وبالتالي وجوب
اعتبار التعهد بنقل ملكية عقار من التصرفات الشكلية التي لا تتم إلا بالتسجيل جاء في أحدث قرار لها يتحدث عن التعهد بنقل
ملكية عقار. ففي عام 2005م قضت المحكمة بأنه: "يعتبر بيع العقار خارج دائرة
التسجيل باطلاً، وعليه فإن الوعد بالبيع والتعهد بالفراغ يعتبر باطلاً بصراحة نص الفقرة
الثانية من المادة 105 من القانون المدني والقوانين الخاصة الواجبة التطبيق ،
وبالتالي، فقد أخطأت محكمة الاستئناف بتطبيق أحكام المادة 1149 من القانون المدني
على وقائع هذه الدعوى ذلك، أن أحكام هذه المادة تطبق في حال تسجيل التعهد بالفراغ
لدى دوائر التسجيل المختصة؛ لأنه يعتبر في هذه الحالة عقداً صحيحاً والضمان لا
يترتب إلا على العقد الصحيح، أما العقد الباطل فلا يرتب أثراً إعمالاً لأحكام
المادة 168 من القانون المدني. إن المطالبة بالضمان الذي يترتب نتيجة إخلال أحد
العاقدين بالتزامه بنقل ملكية عقار خلافاً لأحكام المادة 1149 يستلزم بداهة توفر
شرط الشكلية المنصوص عليها في المادة 105/ 2 من القانون المدني؛ لأن نصوص القانون
تقرأ معاً كوحدة واحدة، وليس بمعزل عن بعضها"([35]).
فمحكمة التمييز تؤكد الآن أن شرط التسجيل
الضروري لصحة التصرفات الواقعة على عقار, يجب أن يطبق على التعهد؛ لأنه من هذه
التصرفات، ولا بد أن يخضع لذات الشرط، حتى ولو لم يصرح بذلك في المادة 1149. وبالتالي،
نستطيع القول بأن ما أوردناه من رأي أعلاه، من أن عقد التعهد
هو من العقود الشكلية التي لا تتم إلا بالتسجيل، هو رأي مؤيد الآن باتجاه محكمة
التمييز الجديد.
المطلب
الثاني: هل يوجب مبدأ "نصوص القانون تقرأ معا كوحدة واحدة" تقرير
التنفيذ العيني؟
يقتضي مبدأ
"نصوص القانون تقرأ معاً كوحدة واحدة" وليس بمعزل عن بعضها الانسجام
والتوافق بين نص المادة 1149،
ونص المادة 355 من القانون المدني،
التي توضح اللجوء إلى التنفيذ العيني قبل اللجوء إلى التعويض. ولتوضيح ذلك سنتناول
الجزاء المترتب على نكول المتعهد عن التعهد بنقل ملكية عقار. تستدعي دراسة الجزاء
المترتب عند النكول دراسة الجزاء الوارد في نص المادة 1149 من القانون المدني، ثم
دراسة حالة اللجوء إلى التعويض في حالات محددة، على سبيل الحصر، كما هو الحال في القانون المدني العراقي، وأخيراً، النظر في اللجوء للتنفيذ العيني في
كل الحالات، وبيان مدى اتفاق أي من هذه الحلول
الثلاثة مع المبدأ القائل: بأن "نصوص القانون تقرأ كوحدة واحدة وليس بمعزل عن
بعضها". ثم نبين موقف محكمة التمييز من هذه المسألة.
الفرع الأول: التعويض، هل يفي بالغرض؟
فعلاً إن المتعهد لن يتردد في النكول عن
التعهد والتصرف بالعقار لشخص آخر متى كان ذلك في مصلحته، وذلك نظراً لعدم
وجود ما يلزمه بالوفاء بما تعهد به عينا في ظل نص المادة 1149. ويترتب هذا الحكم
بغض النظر عن مدى كون التنفيذ العيني ممكنا أو مستحيلا. بمعنى آخر،
فإن المتعهد يعلم مسبقا أنه لن يجبر على التنفيذ العيني ولو كان ممكنا, بل فقط دفع
التعويض. ويمكن إيراد ملاحظتين على موقف المشرِّع الأردني في هذا الصدد:
الملاحظة الأولى: إن القواعد العامة في القانون المدني الأردني تشترط
لمنح التعويض أن يكون الضرر محققا. وقد قصر القانون المدني الأردني التعويض في
نطاق المسؤولية العقدية على الأضرار التي وقعت فعلاً، وهي تشمل الخسارة
التي لحقت الدائن فعلاً دون الكسب الذي فاته، بسبب عدم تنفيذ
المدين لالتزام تعاقدي([36]). وهذا ما تنص عليه المادة 363 بقولها "إذا لم يكن
الضمان مقدراً في القانون أو في العقد، فالمحكمة تقدره بما يساوي الضرر الواقع فعلاً حين
وقوعه". بمعنى آخر، فإن الضرر الموجب للتعويض في نطاق المسؤولية العقدية هو
الضرر المباشر المتوقع فقط على أساس أنه الضرر الذي يتوقعه المتعاقدان وقت إبرام
العقد (سلطان، 2005م)([37]). كما أن عبء الإثبات يقع على عاتق المتعهد له. فبدلاً
من حمايته في مواجهة أي نكول غير ملائم من قبل المتعهد يتحمل العبء في إثبات الضرر
الذي أصابه من جراء هذا النكول، وهذه مهمة ليست بالسهلة على الإطلاق في ظل قواعد
قانونية لا تعوض المتعاقد إلا عن الخسارة اللاحقة دون الربح الفائت.
الملاحظة الثانية: حتى بالنسبة للتعويض فإن نص المادة 1149 غير واضحة
بالنسبة لكيفية احتساب مقدار التعويض، خاصة إذا ما علمنا أن النكول عن التعهد غالبا ما يكون
بسبب توفر فرصة أخرى للمتعهد يحقق فيها كسبا أكبر، خاصة في ظل ارتفاع
أسعار العقارات في الأردن ارتفاعاً كبيراً، وبشكل متسارع، وإن
هذه المادة، أيضاً، تشترط إثبات الضرر الحاصل، وهذا ما حدث فعلا عندما قضت محكمة التمييز بأن:
"المادة 1149 من القانون المدني جعلت التعهد بنقل ملكية عقار يقتصر على
الالتزام بالضمان إذا اخل احد الطرفين بتعهده، سواء أكان التعويض
قد اشترط في التعهد أم لم يشترط، ولم تعدُّ هذه المادة الفرق بين سعر الأرض كما هو
مبين في التعهد بالفراغ وبين قيمتها حين الكشف أو أي تاريخ آخر انه هو التعويض
المقصود بها، بل ينبغي أن يثبت المتعاقد انه قد تضرر حتى يستطيع المطالبة
بالتعويض"([38]).
نتسائل لماذا لا يعدُّ
الفرق بين قيمة الأرض، كما هو مبين في التعهد بنقل الملكية،
وقيمتها عند نكول المتعهد عن تنفيذ التعهد عينا هو ضرر يصيب المتعهد له؟ ففي ذلك
ما يؤدي إلى تحقيق ميزان العدالة بين البائع المتعهد والمشتري المتعهد له. فنص
القانون الأردني المادة 1149 لا يحقق هذا الميزان على الإطلاق.
فمنح المتعهد الفرصة من التخلص من التزامه
بهذه السهولة فيه إخلال بميزان العدالة الذي وجد القانون لتحقيقه. كل ذلك يعني أن
المشرِّع قد أعطى القاضي السلطة التقديرية لتحديد مقدار التعويض،
وهو مسلك - مع الاحترام- غير سليم؛ لأن في ذلك مجالا خصبا لتباين
الأحكام القضائية في القضايا المتماثلة، واختلاف التقديرات (الفضل والفتلاوي، 1993م). فللقاضي
السلطة التقديرية بموجب المادة 1149 في الحكم بالتعويض عن النكول عن إتمام عقد
التعهد، حتى ولو كان المتعاقدان قد اتفقا على التعويض في ذات العقد، ويسمى هذا
الاتفاق عندها بالشرط الجزائي([39]). وبموجب القانون فإن للقاضي السلطة في زيادة أو تخفيض
مبلغ الشرط الجزائي بما يتناسب والضرر الواقع فعلاً، وهذا ما يؤدي إلى
اختلاف التقديرات والأحكام، نظرًا لهذه السلطة الممنوحة للقاضي([40]). فلو كان المبلغ لا يساوي الفرق بين القيمتين
المذكورتين، فما المانع من زيادته ليتناسب مع هذا الفرق و أي ضرر آخر([41]).
أما إذا لم يتضمن التعهد شرطا جزائيا
عندها يقدر القاضي التعويض بما لا يقل عن القيمتين المذكورتين،
دون أن يؤثر ذلك على حق المتضرر في المطالبة بالتعويض عن الضرر الذي أصابه من جراء
النكول. نحن لن ننفرد بهذا التوجه؛ لأن المشرِّع العراقي الذي استقينا منه حكم
المادة 1149 سبقنا إلى إجراء تعديل كهذا. فما دام أن المصدر التاريخي لهذا النص قد
لاحظ ذلك وأجرى التعديل اللازم، فلماذا لا نستقي هذا التعديل كما استقينا النص
نفسه تحقيقا للعدالة التي ننشد؟ ففي القرار رقم 1198 الصادر بتاريخ 2/11/1977م
بيَّن المشرِّع العراقي في الفقرة أ منه على أنه: "يقتصر التعهد بنقل ملكية
العقار على الالتزام بالتعويض إذا أخل أحد الطرفين بتعهده، سواء اشترط التعويض في التعهد أم لم يشترط، على أن لا يقل مقداره
عن الفرق بين قيمة العقار المعينة في التعهد، وقيمته عند النكول دون الإخلال
بالتعويض عن أي ضرر آخر". لا شك أن مثل هذا التوجه يخفف من حالات النكول عن
التعهد بنقل ملكية عقار، حيث لن يكون هنالك فائدة كأصل عام تعود على الناكل من نكوله. لكن ذلك لا
ينهي المسألة بشكل كامل وبالتالي لا يعدُّ الحل الوافي بالغرض، إذ ليس هنالك ما
يمنع من تواطؤ المشتري الجديد على، سبيل المثال، مع المتعهد (البائع) لتخفيض ثمن
العقار إلى ما لا يزيد عن قيمة العقار وقت التعهد إلا بقيمة زهيدة، مع أن الثمن
الحقيقي يكون أكبر بكثير([42]).
الفرع
الثاني: التنفيذ العيني في حالات محددة، هل يفي بالغرض؟
لا شك في أن تحديد حالات معينة يجوز فيهـا
اللجوء إلى طلب التنفيذ العيني عند
النكول عن التعهد هو اتجاه سليم، من حيث تحقيقه للحماية للمتعهد له؛ لأن القاضي يقضي
بمناسبة توفر إحدى هذه الحالات بالتنفيذ العيني، وبالتالي فإن
المتعهد له سيعتمد على القرار القضائي الصادر من المحكمة في إجراء عملية تنفيذ
التعهد جبرا على المتعهد. وهذا ما يوفر الحماية القانونية للمتعهد له،
ويحقق العدالة التي تقضي بوجوب تملكه للعقار محل التعهد (الجبوري، 2002 أ. الفضل و
الفتلاوي، 1993). هذا التوجه كان أيضا قد استجاب له المشرِّع العراقي في نفس
القرار المذكور أعلاه، وذلك بالعودة إلى مسار القواعد العامة في منح التنفيذ
العيني أولا عندما قرر في الفقرة ب من القرار أنه: " إذا كان المتعهد له قد
سكن العقار محل التعهد، أو أحدث فيه أبنية، أو منشآت أخرى
بدون معارضة تحريرية من المتعهد فإن ذلك سببا صحيحا يبيح للمتعهد له تملك العقار
بقيمته المعينة في التعهد، أو المطالبة بالتعويض على الوجه المذكور من هذا البند
مضافا إليه قيمة المحدثات قائمة وقت النكول" (الجبوري، 2002م).
يبيّن القرار أن للمتعهد له حق طلب التنفيذ
العيني عند نكول المتعهد عن التعهد بشرط أن يستند إلى سبب صحيح. والسبب الصحيح
المقصود هنا يقتضي توفر شرطين هما: الشرط الأول: أن يكون المتعهد له قد سكن العقار
محل التعهد، أو أحدث فيه منشآت أخرى. و الشرط الثاني: ألا يكون المتعهد قد عارض،
أو رفض سكن المتعهد له للعقار، ويجب أن تكون المعارضة كتابية، لأن المعارضة
الشفوية لا تكفي للحد من تعسف المتعهد وإغلاق الطريق عليه (الفضل والفتلاوي، 1993)([43]). على الرغم من أن هذا التوجه يعدُّ أنه بحق خطوة جريئة
يعيد إلى القواعد العامة أثرها الفعّال الذي سلب بنص المادة 1149 من القانون
المدني الأردني، إلا إنه لا زال يقيد عودة هذا الأثر بشرط توفر السبب الصحيح الذي أشرنا
إليه سابقاً. فالمتعهد لن يكون بهذه السذاجة- إن جاز التعبير- ولا يوجه إعذارا
كتابيا يبلغ فيه المتعهد له معارضته سكن المتعهد له للعقار. وبالتالي فهو لا يمنح
الدائن الطريق الكامل الذي رسمه له القانون للوصول إلى حقه الذي تعاقد للحصول عليه
عينا قبل اللجوء إلى الخيار الآخر، وهو التعويض. وبناءً عليه، نجد أن هذا التوجه
لا يفي بالغرض.
الفرع
الثالث: العودة إلى القواعد العامة: التنفيذ العيني هو المطلوب:
درسنا حتى الآن التعويض،
كجزاء مترتب عن نكول المتعهد عن تعهده بنقل ملكية عقار وتحديد حالات معينة يجوز
فيها طلب التنفيذ العيني عند النكول (على الرغم من ان هذا التوجه يخفف من حالات
النكول عن تنفيذ عقد التعهد عيناً). إلا إننا لم نجد في أي من التوجهين حلا كاملا
للمسألة، حيث لا زال كل منهما يَبعد (بغض النظر عن درجة بعد أو قرب أيا منهما) عن
وصول نص المادة 1149 إلى مظلة مبدأ نصوص القانون تقرأ معا كوحدة واحدة وليس بمعزل
عن بعضها. السبب أننا لا زلنا نرى في نص المادة 1149 خروجاً على القواعد العامة في
القانون المدني الأردني، التي تذهب في المادة 355 منه إلى أنه: "يجبر المدين بعد أعذاره على تنفيذ ما التزمه تنفيذا عينيا متى كان
ذلك ممكنا. على انه إذا كان في التنفيذ العيني إرهاق للمدين جاز للمحكمة، بناء على
طلب المدين، أن
تقصر حق الدائن على اقتضاء عوض نقدي إذا كان ذلك
لا يلحق به ضررا جسيما". فالأصل هو أنه إذا ما امتنع المدين عن تنفيذ التزامه فإن للدائن
اللجوء إلى القضاء لإجباره على تنفيذه، ولكن بتحقق شروط معينة حسب ما وردت في
المادة 355 المشار لها أعلاه([44]).
ولذلك، فإننا مع المطالبين بالعودة
إلى القواعد العامة و تطبيقها على حالة التعهد،
وذلك بمنح المتعهد له حق المطالبة
بالتنفيذ العيني إن كان ممكنا، أو المطالبة بالتنفيذ بطريق التعويض وذلك في كل
الحالات، وليس فقط في حالات معينة، كما حددها المشرِّع العراقي في القرار المذكور أعلاه.
ونرى أن هذا الرأي:
1-
يتفق مع القواعد العامة في القانون المدني الأردني,
ويتفق ومبدأ العدالة الذي يوجب منح الطرف المتضرر (الدائن وهو الطرف غير الناكل
هنا) حق اللجوء إلى التنفيذ العيني أولاً قبل اللجوء إلى الخيار الآخر وهو التعويض
إلا في الحالات التي تنص عليها المادة 355 من القانون المدني الأردني،
ويقبلها منطق العدل والإنصاف، وهي عندما يكون التنفيذ العيني مرهقا للمدين. ويقول بعض
الفقه في ذلك إن: "المطلوب هو فتح الباب على مصراعيه وإعطاء الحق في
المطالبة بالتنفيذ العيني للالتزام حينما يكون ذلك ممكنا، وغير مرهق للمدين
أسوة بكل القوانين الأخرى" (الفتلاوي، 2002). أما إذا استحال التنفيذ العيني
عندها يحال الدائن إلى البديل المتمثل بالتعويض، وعلى الأساس الذي
ذكرناه سابقاً. وتطبيقاً لذلك، لو فرضنا أن قيمة العقار وقت التعهد في 1/1/2000 كانت
20000 دينار، ونكل البائع عن إتمام التعهد، فرفع المتعهد له دعوى أمام المحكمة
مطالبا بالتعويض (وذلك نظرا لاستحالة التنفيذ العيني، كأن تصبح الأرض غير صالحة للزراعة بفعل المتعهد الناكل
بعد أن كانت تصلح) وكانت قيمة الأرض وقت النكول 30000 دينار، فإن التعويض الذي
يلزم المتعهد بدفعه يقدر ب 10000 دينار دون إخلال بالتعويض عن أي ضرر آخر يصيب
المتعهد له (الطرف غير الناكل). لكن إذا كان التنفيذ العيني لا زال ممكنا فإن
المجال يكون مفتوحا لإعماله، وهذا ما يعني إعمال قاعدة قيام حكم القاضي مقام العقد
المبرم بين المتعاقدين. وهذا التزم به المشرِّع الأردني في قانون ملكية الطوابق
والشقق في المادة 21، إذا عدَّ أن عقود بيع الشقق
والأبنية بالتقسيط عقوداً قانونية وملزمة للمتعاقدين في حالة توثيقها لدى مديرية
تسجيل الأراضي المختصة, مانحا المحاكم النظامية المختصة الفصل في أي نزاع يتعلق
بالاختلاف حول شروط العقد أو تنفيذه، بما في ذلك إصدار القرار بالطلب إلى مدير
التسجيل المختص بتسجيل الشقة أو البناية باسم المشتري([45]).
2-
يتفق هذا التوجه مع القوانين الأخرى التي لم تعرف نظام
التعهد بنقل ملكية عقار، كالقانون المصري على سبيل المثال. فالمادة 930 من
القانون المدني المصري تشير إلى أن العقود الواردة على عقار قبل تسجيلها تعدُّ
منعقدة إلا أن نقل الملكية يعلق على التسجيل، وإذا ما امتنع المدين حسب الأحوال عن
إتمام عملية التسجيل فإن الجزاء لا يقتصر على التعويض، إنما ترتب هذه
العقود جميع آثارها ومنها وجوب التنفيذ العيني ولو جبرا على المدين (مبارك،
1995م). وهذا ما يوفر، أيضاً، حلا لمشكلة تنازع القوانين؛ لأنه متى كانت قوانين الدول
التي تتصل بها عناصر العلاقة القانونية متشابهة وموحدة فإن اختيار أحدها دون غيره
لا يؤدي إلا لمنفعة نظرية، أما عملاً فإن الحكم سيكون نفسه سواء أعطي الاختصاص إلى
قانون دولة ما أم لقانون دولة أخرى. وما دام الحكم واحدا فليس هنالك من فائدة ولا مصلحة
من قيام التنازع (الهداوي، 2005، الداوودي، 1998).
الفرع
الرابع: موقف محكمة التمييز:
على الرغم من أن محكمة التمييز قضت- كما
بينا أعلاه- بأن التسجيل هو شرط ضروري لتمام التعهد بنقل ملكية عقار، وسندها في
ذلك مبدأ أن النصوص يجب أن تقرأ مع بعضها كوحدة واحدة، إلا إنها لم تتعرض للجزاء
المترتب على نكول المتعهد. وأكثر ما قررته المحكمة في هذا الموضوع هو إضافة شرط
جديد للمطالبة بالتعويض وهو توفر شرط الشكلية التي يتطلبها القانون،
وهو الشرط الذي لم يشر إليه نص المادة 1149. وقد بررت المحكمة إضافة هذا الشرط
بأنه يستنتج بداهة من نص المادة
105/1 من القانون المدني على أساس المبدأ السابق. لكننا نعتقد بأن هذا موقف سلبي
لمحكمة التمييز؛ لأنه كما أن نص المادة 1149 يستلزم توفر شرط الشكلية بداهة،
فلماذا لا يكون حق المتعهد له في طلب التنفيذ العيني قبل اللجوء إلى طلب التعويض
بديهي أيضاً، حيث إن كلا الأمرين يتفق والنصوص القانونية الأخرى؟
لكن كل ما سبق من تحليل (أي اعتبار التسجيل
ركناً في العقد، وما توصلت إليه هذه الدراسة، من ضرورة منح
الدائن حق طلب التنفيذ العيني قبل اللجوء إلى التعويض بعد تطبيق مبدأ نصوص القانون
تقرأ معاً كوحدة واحدة) هل يعني أن التعهد بنقل ملكية عقار هو ذاته الوعد بالبيع
المنصوص عليه في المادة 105 من القانون المدني الأردني؟
المبحث الثالث
مدى إمكانية اعتبار التعهد بنقل ملكية عقار وعدا
بالتعاقد في ظل مبدأ "نصوص القانون تقرأ معا كوحدة واحدة"؟
يَذهب رأي
(الزعبي، 2004) إلى أن التعهد بنقل ملكية عقار المنصوص عليه في المادة 1149 من
القانون المدني الأردني لا يعدو أن يكون أكثر من وعد بالبيع من قبل البائع، أو وعدا بالشراء من قبل المشتري،
و أن هذا التعهد يمكن العدول عنه في أي لحظة إلى ما قبل إتمام عملية التسجيل. إلا
إن هذا الرأي يعود ويعدُّ التعهد وعداً من نوع خاص، بحيث يعطي للمتعاقد الحق في طلب التعويض نتيجة الإخلال
بتنفيذ الوعد دون أن يكون هناك حق بطلب التنفيذ العيني ولو كان ممكناً استنادا لنص
المادة 1149، أو أن يقوم حكم القاضي مقام التنفيذ. وسيتم تقييم هذا الاتجاه فيما
يلي، من خلال البحث في تطبيق شروط
الوعد بالتعاقد على نظام التعهد، والبحث في جزاء عدم تنفيذ الوعد كل في فرع مستقل.
الفرع
الأول: تطبيق شروط الوعد بالتعاقد على نظام التعهد:
تنص المادة 105/1
من القانون المدني الأردني على أن "الاتفاق الذي يتعهد بموجبه كلا المتعاقدين، أو إحداهما بإبرام عقد
معين في المستقبل لا ينعقد إلا إذا عينت جميع المسائل الجوهرية للعقد المراد
إبرامه والمدة التي يجب إبرامه فيها". وورد في الفقرة الثانيـة من
هذه المادة أنه "إذا اشترط القانون لإتمام العقد استيفاء شكل معين فهـذا
الشكل يجب مراعاته، أيضاً، في الاتفاق الذي يتضمن
الوعد بإبرام هذا العقد".
بما أن الوعد
بالتعاقد هو عقد يلتزم فيه الواعد بإتمام العقد عند إبداء الموعود له رغبته في
التعاقد، فإنه يشترط توفر
المقومات العامة لإبرام العقد
(سلطان، 2005م، المنصور، 2003م). لذلك ينظر في تحديد
أهلية الواعد وعيوب الرضا
في الوقت الذي يصدر فيه الوعد؛
لأنه الوقت الذي يصدر فيه الرضا النهائي بالتعاقد من قبل الواعد. فالواعد في عقد البيع يجب أن يكون متمتعاً بالأهلية
اللازمة لإبرام العقد وقت البيع، لأنه يلتزم من هذا الوقت التزاماً نهائياً بإتمام العقد في حال
إبداء المشتري رغبته في الشراء خلال مدة محددة. ويجب أن تكون إرادة الواعد وقت
الوعد، أيضاً، خالية من العيوب التي قد تشوب الرضا، وهي في القانون الأردني الإكراه، والغلط، والتغرير مع الغبن الفاحش.
أما الموعود له فإن دوره في إبرام العقد
يبدأ من تاريخ إبداء رغبته في التعاقد([46]).
ولذلك
فإنه ينظر في أهليته لإبرام العقد المراد
إبرامه، وفي عيوب الرضا وقت
إبداء رغبته بالتعاقد؛
لأنه لا يلتزم بشيء قبل هذا الوقت. كل هذه الأحكام المتعلقة بالأهلية وعيوب الرضا تطبق،
أيضاً، على حالة التعهد بنقل ملكية عقار؛ لأنه تعهد بالتصرف
بمال غير منقول، وبالتالي يجب أن يتوفر فيه ما يتطلب في الوعد بالبيع.
كما يجب
أن يتضمن الوعد بإبرام العقد جميع المسائل الجوهرية لهذا العقد، وذلك حتى يكون السبيل
مهيأ لإبرام العقد النهائي بمجرد إبداء
الموعود له رغبته بالتعاقد دون حاجة إلى اتفاق على
شيء آخر. والمقصود بالمسائل
الجوهرية أركان العقد وشروطه الأساسية التي يرى المتعاقدان الاتفاق عليها،
والتي ما كان ليتم العقد بدونها([47]). فإذا ما كنا بصدد وعد بالبيع
فإنه يجب تعيين المبيع،
والثمن، والأمور
الأساسية الأخرى التي يرى المتعاقدان الاتفاق عليها. ولذلك يجب أن يتعين الشيء
المبيع تعيناً واضحاً تفادياً لأي مشكلة قد
تثور حوله([48]). وهذا هو الحال، أيضاً، في حالة التعهد بنقل ملكية عقار، فإذا لم يتفق المتعهد والمتعهد له، كما هو الحال بين الواعد والموعود له على هذه المسائل الجوهرية في التعهد،
فإنه لا ينعقد. فإذا لم يعيّن الشيء المبيع تعيناً واضحاً في العقد، كأن يكون الوعد ببيع منزلٍ في مدينة ما أو لم يعين الثمن، لا نكون بصدد عقد وعد.
والمتطلب الثالث لقيام الوعد هو وجوب تعيين مدة معينة يتعين
خلالها أن يعلن الموعود له رغبته في إبرام عقد الوعد بالتعاقد([49]). فإذا ما تخلف الاتفاق على هذه
المدة كان الوعد باطلاً.
وقد أحسن المشرِّع عندما أوجب تحديد هذه المدة و ذلك حتى لا يبقى الواعد تحت رحمة الموعود له، فلا يتصرف في ملكه حتى يمارس
الموعود له خياره، إما بالقبول أو الرفض. فإذا ما
انقضت المدة دون أن يبدي الموعود له رغبته في التعاقد سقط الوعد من تلقاء نفسه ودون أن يترتب عليه أي أثر قانوني([50]). وكذلك الحال إذا لم تتحدد مدة معينة لإبداء الموعود له
رغبته في إبرام العقد، كأن يعد شخص آخر ببيعه بيته متى أراد هذا
الأخير فهذا وعد باطل لعدم تحديد مدة يبدي فيها الموعود له رغبته في التعاقد. ونعتقد بضرورة تحديد هذه المدة في
التعهد بنقل الملكية لاتحاد العلة مع الوعد بالتعاقد، وذلك حتى لا يكون المتعهد و المتعهد له تحت رحمة الآخر
لإتمام الوفاء بالتزاماتهما النهائية. وعقد الوعد بالتعاقد قد يكون شكلياً وعندها
فإنه يشترط لانعقاده أن يُفرغ العقد بالشكل الذي يتطلبه القانون([51])، بحيث إذا
لم يراعِ المتعاقدان الشكلية التي يفرضها
القانون وقع الوعد بالتعاقد
باطلاً. فلو تعلق الأمر بوعدٍ لبيع عقار لوجب تسجيله في دائرة
الأراضي([52]) حتى يتسنى إتمام العقد،
بمجرد أن يعلن الموعود له رغبته في التعاقد([53]).
القانون المدني الأردني لم يشترط التسجيل
لتمام التعهد بنقل الملكية حسب نص المادة 1149، وبالتالي يتخلف هذا الشرط مما يؤدي
إلى القول باختلاف النظامين في أحد الشروط. لكن أحدث قرار لمحكمة التمييز فسّر
النصوص بشكلها الصحيح، ونحن نتفق، كما بينا أعلاه، مع هذا التفسير
وهو أن التسجيل أصبح ركنا أساسياً لقيام التعهد بنقل ملكية عقار،
وإلا كان باطلاً. فكما أن المنطق يقضي بأنه ما دام أن القانون يُخضع العقد الأصلي
لشكلية معينة فإن الوعد بإبرام هذا العقد يجب أن يخضع لنفس الشكلية لتمامه، فإننا
نكمل بان المنطق يقضي، أيضًا، بضرورة إخضاع التعهد بنقل ملكية عقار لنفس القاعدة،
وبالتالي تطلب إتمام الشكلية.
الفرع
الثاني: جزاء عدم تنفيذ الوعد: التنفيذ العيني:
الفرق
الجوهري الآخر بين عقـد الوعد بالبيع والتعهد (هذا حسب نص المادة 1149
من
القانون المدني الأردني) هو أنه إذا ما تخلف الواعد بعد قبول
الموعود له للوعد،
خلال المدة المتفق عليها عن تنفيذ التزاماته بإبرام العقد النهائي([54]) جاز للموعود له اللجوء
إلى القضاء لإجباره على التنفيذ العيني. وهذا ما تنص عليه المادة 106 من القانون
المدني الأردني حيث تقول
إنه: "إذا وعد شخص
بإبرام عقد، ثم نكل وقاضاه
الآخر طالباً تنفيذ الوعد، وكانت الشروط اللازمة للعقد، وبخاصة ما يتعلق منها بالشكل، متوافرة قام الحكم متى
حاز قوة القضية المقضية مقام العقد". فإذا ما كان العقد الموعود به
بيع عقار، على سبيل المثال، فإن للمحكمة أن تصدر
حكماً يقوم
مقام العقد في هذه الحالة
وتترتب آثار عقد البيع بنقل الملكية إلى الموعود له
من تاريخ تسجيل هذا الحكم دون حاجة إلى تدخل الواعد. وإذا كان العقار محل العقد الموعود به
قد هلك أو
تصرّف فيه الواعد،
قبل صدور حكم المحكمة إلى شخص آخر
حسن النية فليس للموعود له إلا المطالبة بالتعويض لاستحالة التنفيذ العيني.
أما الأمر في حالة التعهد بنقل ملكية عقار فمختلف، حيث يقتصر جزاء عدم التنفيذ
على الالتزام بالتعويض
فقط إذا أخل أحد الطرفين بتعهده، سواء أكان
التعويض قد اشترط في التعهد أم لم يشترط. وهذا ما يعني أنه حتى ولو كان التنفيذ العيني ممكناً
فإنه ليس للمتعهد له حق المطالبة بالتنفيذ العيني، فسبيله الوحيد هو المطالبة
بالتعويض. لكننا فندنا هذا النص، وذكرنا انه يخالف القواعد العامة التي تمنح
الدائن حق المطالبة بالتنفيذ العيني كلما كان ذلك ممكنا قبل اللجوء إلى التعويض.
وقد تحدثنا أعلاه عن هذا الموضوع، ووصلنا بالنتيجة إلى أنه لا يوجد مبرر
قانوني، ولا منطقي يجعل من التعهد لنقل ملكية عقار استثناءً
يعتد به على هذه القواعد.
وبالتالي، نجد أنه لا يوجد على الإطلاق مبرر للتفرقة بين نظام الوعد بالتعاقد
ونظام التعهد بنقل الملكية. وهذا ما ذهب
إليه الأستاذ محمد الزعبي منذ أكثر من عشرين عاما، ونحن بدورنا نؤيده في ذلك، إلا
إننا نختلف معه في قوله إن: "هذا النوع من الوعد يمكن التراجع عنه على أن يتم
تعويض الطرف الآخر المتضرر فقط دون حقه بالتنفيذ العيني ولو كان ممكناً"
(الزعبي، 2004م). فلماذا نؤكد بأن هذا التعهد لا يعدو ان يكون أكثر من وعد بالبيع
من قبل البائع، أو وعداً بالشراء من قبل المشتري، ثم نعود
ونختصه ببعض الأحكام، على الرغم من عدم وجود فرق بين النظامين؟
لذا نقترح إزالة نص المادة 1149 من القانون المدني ودمج التعهد تحت موضوع
الوعد بالتعاقد.
الخاتمـة:
توصل
هذا البحث إلى النتائج و التوصيات التالية:
إن عدم
الاستقرار في نصوص القانون الأردني حول مدى اعتبار التسجيل ركنا في العقد أو سببا
ناقل للملكية يعدُّ أمرا واضحا، عند استعراض نص المادة 16/3 من
قانون تسوية الأراضي، والمادة 107 من القانون المدني،
مع المادة 1148 من نفس القانون. هذا التذبذب التشريعي دفع محكمة التمييز إلى
الاجتهاد حتى استقرت على الرأي: أن عقود التصرف بالأموال غير المنقولة هي من
العقود الشكلية التي لا يتم العمل القانوني فيها إلا باستيفاء ركنها الشكلي الذي
عينه القانون، وهو إجراء المعاملات في دوائر تسجيل الأراضي. لذا، فإننا نرى أن هذا هو الحال في القانون الأردني، ولذلك نقترح تعديل نص المادة 1148 لتؤدي هذا الغرض و كل
ما هو متصل بها في القانون المدني و القوانين ذات الصلة. و فعلاً التزم المشرِّع
الأردني هذا الاتجاه في المادة 20 من قانون ملكية الطوابق والشقق([55]).
·
إن مبدأ "نصوص القانون تقرأ معا كوحدة واحدة وليس
بمعزل عن بعضها" يذهب، كما رأينا، أن ما هو ثابت بنص المادة 16/3 من قانون تسوية الأراضي
والمياه، ونص المادة 105/2 من القانون المدني، من ضرورة توفر شرط التسجيل لصحة
التصرفات الواقعة على عقار، يجب أن يطبق على التعهد بنقل ملكية عقار؛ لأنه من هذه
التصرفات، ولا بد أن يخضع لذات الشرط حتى ولو لم يصرح بذلك في المادة 1149، لأن هذا
النص يجب أن لا يطبق بمعزل عن نصوص القانون الأخرى التي تتعلق بالتصرفات الواردة
على الأموال غير المنقولة. وإن هذا الرأي أصبح رأيا مؤيدا الآن باتجاه محكمة
التمييز الجديد في حكمها الصادر سنة 2005م كما أسلفنا. وبالتالي فإن التعهد الواقع
خارج دائرة التسجيل هو تعهد باطل، والباطل لا يرتب أثراً، ولا ترد عليه
الإجازة.
·
رأينا فيما يتعلق بالجزاء المترتب على نكول أحد الطرفين
عن إتمام التعهد بنقل ملكية عقار، يقتصر فقط على التعويض، حسب ما جاء بنص
المادة 1149. إلا إن هذا النص بتطبيق القواعد العامة في القانون الأردني،
يشترط أن يكون الضرر محققا حتى يكون موجبا للتعويض، وعبء إثبات ذلك يقع على عاتق
المتضرر (المتعهد له عادة). فبدلاً من حمايته في مواجهة أي نكول غير ملائم من قبل
المتعهد يتحمل العبء في إثبات الضرر الذي أصابه من جراء هذا النكول. لذلك،
يتضح أن نهج المشرِّع الأردني هذا غير مقبول وبحاجة إلى إعادة النظر بما يحقق
العدالة بين الطرفين، وذلك باعتماد معيار الفرق بين سعر الأرض أو العقار،
كما هو مبين في التعهد بالفراغ وقيمتها حين الكشف أو أي تاريخ آخر، على أنه هو
التعويض المقصود. و هذا ما يؤدي إلى حماية المتعهد له في مواجهة أي نكول غير ملائم
من قبل المتعهد.
·
يشير نص المادة 1149 إلى أن على القاضي أن يأخذ الشرط
الجزائي بعين الاعتبار إذا ما نكل أحد الطرفين عن إتمام التعهد، إلا إن ذلك لا
يكون له أهمية وإعمال إلا إذا كان التعهد صحيحا. أما إذا كان التعهد باطلا فإنه لا
مجال لإعماله؛ لأن الالتزام المترتب في ذمة المدين بموجب الشرط
الجزائي ما هو إلا التزام تابع للالتزام الأصلي. وما دام أن الشرط الجزائي يتمتع
بهذه الطبيعة التابعية،
فإن بطلان الالتزام الأصلي أو فسخ
العقد لعدم التنفيذ يؤدي
بالضرورة إلى سقوط الشرط الجزائي([56]) وبالتالي، وجوب الرجوع إلى
التعويض القضائي إن كان له مقتضى.
·
تبين من هذه الدراسة أن المشرِّع الأردني لم يمنح
المتضرر من جراء النكول عن التعهد، حق طلب التنفيذ العيني وهو ما فيه مخالفة صريحة وغير
مبررة للقواعد العامة التي لا تبيح اللجوء إلى التعويض إلا في حالات استثنائية
توجبها العدالة. لذا ظهر أحد الآراء في الفقه، كما رأينا،
(الفضل و الفتلاوي، 1993م) يقترح تقرير التنفيذ العيني في بعض الحالات. لكن هذا
النهج تبين أنه غير كاف للحد من حالات النكول، وبالتالي توصلت الدراسة إلى أنه يجب
منح الدائن الطريق الكامل الذي رسمه له القانون للوصول إلى حقه الذي تعاقد للحصول
عليه عينا قبل اللجوء إلى الخيار الآخر وهو التعويض. فالمطلوب هو العودة إلى تطبيق
القواعد العامة التي تقضي بضرورة إعطاء الدائن الحق في المطالبة بالتنفيذ العيني،
حينما يكون ذلك ممكنا وغير مرهق للمدين.
· بعد أن توصلت الدراسة إلى أن التسجيل كان دائما
ركناً لقيام التعهد بنقل ملكية عقار، وأن التنفيذ العيني هو المطلوب كجزاء للنكول،
ظهر بأن التعهد لا يعدو أن يكون أكثر من وعد بالبيع من قبل البائع،
أو وعد بالشراء من قبل المشتري، و أن التراجع عن هذا الوعد يرتب للطرف المتضرر حق
طلب التنفيذ العيني ما دام ممكنا، و بالتالي فتح الباب على مصراعيه لإعمال التنفيذ
العيني، أو أن يقوم حكم القاضي مقام اعقد المبرم بين الطرفين. أما إذا استحال
التنفيذ العيني أمكن عندها اللجوء إلى التعويض و على الأساس الذي ذكرناه سابقاً. و بعد أن ظهر،
بنتيجة تحليلنا، بأن نظام التعهد ما هو إلا وعد بالتعاقد، نقترح على
المشرِّع الكريم إزالة الفروق بينهما و ذلك بإلغاء نص المادة 1149 وإلحاق التعهد
بنقل ملكية عقار للأحكام العامة الخاصة بالوعد بالتعاقد.
قائمة المراجع:
1-
أمجد
المنصور،
النظرية العامة للالتزامات: مصادر الالتزام: دراسة في القانون المدني الأردني، والمصري، والفرنسي، ومجلة الأحكام العدلية، والفقه
الإسلامي
مع التطبيقات القضائية لمحكمتي النقض والتمييز. الطبعة الأولى، الإصدار الثاني، دار الثقافة، عمان، 2003.
2-
أنور
سلطان،
مصادر الالتزام في القانون المدني الأردني: دراسة مقارنة بالفقه الإسلامي، الطبعة الأولى، الإصدار
الثاني. دار الثقافة، عمان،
2005.
3-
حسن الهداوي، القانون الدولي الخاص: تنازع القوانين، المبادئ
العامة والحلول الوضعية في القانون الأردني: دراسة مقارنة، دار الثقافة، عمان،
2005.
4-
سعيد مبارك، موجز أحكام
القانون المدني الأردني: الحقوق العينية، بدون دار نشر، 1995.
5-
صاحب الفتلاوي. التنفيذ العيني
الجبري لعقود بيع العقارات غير المسجلة: دراسة تحليلية مقارنة، مؤتة للبحوث
والدراسات. المجلد السابع عشر، العدد الثامن، 2002.
6-
عدنان
السرحان ونوري خاطر، شرح القانون المدني،
مصادر الحقوق الشخصية (الالتزامات):
دراسة مقارنة. الطبعة الأولى،
الإصدار الثاني. دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 2005.
7-
عبد الرحمن جمعة، الوجيز في شرح
القانون المدني الأردني: عقد البيع، دراسة متقابلة مع الفقه الإسلامي والقوانين
المدنية العربية (المصري، والسوري، والكويتي، واليمني، وقانون المعاملات المدنية
لدولة الإمارات العربية المتحدة، وقانون الالتزامات، والعقود المغربي)، الطبعة
الأولى، دار وائل للنشر، عمان، 2005.
8-
علي العبيدي، الوجيز في شرح القانون المدني: الحقوق
العينية (الحقوق العينية الأصلية- الحقوق العينية التبعية)- دراسة مقارنة-، الطبعة
الأولى، الإصدار الرابع، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 2005.
9-
غالب الداوودي، القانون الدولي
الخاص الأردني، الكتاب الأول في تنازع القوانين وتنازع الاختصاص وتنفيذ الأحكام
الأجنبية- دراسة مقارنة، الطبعة الثانية، 1998.
10- محمد الزعبي،
العقود المسماه - شرح عقد البيع في
القانون الأردني، الطبعة الثانية، دار الثقافة، عمان، 2004.
11-
منذر الفضل وصاحب الفتلاوي، شرح
القانون المدني الأردني: العقود المسماة، البيع، والإيجار في ضوء الفقه
الإسلامي، والقوانين المدنية الوضعية، وقانون المالكين، والمستأجرين الأردني لسنة
1982، الطبعة الأولى، دار الثقافة، عمان، 1993.
12-
ياسين الجبوري، المبسوط في شرح
القانون المدني، الجزء الأول: مصادر الحقوق الشخصية، المجلد الأول، نظرية العقد،
القسم الأول: انعقاد العقد، دراسة موازنة في القانون المدني الأردني والفقه
الإسلامي مع الإشارة إلى القانون المدني العراقي، والمصري، والفرنسي، الطبعة
الأولى، دار وائل للنشر، والتوزيع، عمان، 2002.
13- ياسين الجبوري،
الوجيز في شرح القانون المدني الأردني، الجزء الثاني، آثار الحقوق الشخصية، أحكام
الالتزامات، دراسة موازنة، الطبعة الأولى، الإصدار الأول. دار الثقافة، عمان، 2003.
14- أحكام محكمة
التمييز.
القوانيـن:
1- القانون المدني الأردني.
2-
المادة
16/3 من قانون تسوية الأراضي والمياه الأردني رقم 40 لسنة 1952م.
3- قانون ملكية الطوابق والشقق الأردني وتعديلاته رقم 25 لسنة
1968م. المنشور
على الصفحة 566 من عدد الجريدة الرسمية رقم 2089 بتاريخ 16/4/1968م.
4-
قانون تنظيم الشهر العقاري المصري رقم 114 لسنة 1946م.
5-
القرار رقم 1198 الصادر عن المشرِّع العراقي بتاريخ
2/11/1977م.
الهوامـش:
([4]) الهدف
الرئيسي من هذا البحث هو دراسة نص المادة 1149 من القانون المدني الأردني. لكن
الأمر اقتضى العودة إلى المصدر التاريخي لهذا النص و هو القانون المدني العراقي
للزيادة في الفائدة المرجوة من هذا البحث, لأن تعديلا هاما أجراه المشرِّع العراقي
على نظام التعهد بنقل ملكية عقار،
ولم يواكبه المشرِّع الأردني.
إبرامه والمدة التي يجب إبرامه
فيها". و هذا هو الوعد بالتعاقد.
2104 من عدد مجلة نقابة المحامين بتاريخ
1/1/1988.
غير الصحيح لا
يطابق بالضرورة العقد الباطل. لا نتفق مع هذا الرأي على الإطلاق. انظر صاحب
الفتلاوي، التنفيذ العيني الجبري لعقود بيع العقارات غير المسجلة: دراسة تحليلية
مقارنة، مؤتة للبحوث والدراسات، المجلد السابع عشر، العدد الثامن، 2002م، ص347.
*
عدّت المادة 16 من قانون تسوية الأراضي والمياه
رقم 40 لسنة 1952م، معاملات البيع خارج
دائرة التسجيل جريمة يعاقب عليها القانون"
. قرار محكمة تمييز حقوق رقم 2004/877
(هيئة
خماسية) تاريخ 6/1/2005 منشورات مركز عدالة.
([28]) انظر رأي مخالف،
انظر محمد الزعبي. مرجع سابق ص128 حيث يذهب إلى أن الواعد يبقى مالكا للشيء
الموعود به خلال الفترة السابقة لإبداء الموعود له رغبته بالتعاقد, و
بالتالي" يستطيع أن يجري كافة التصرفات الناقلة للملكية كالبيع، أو الهبة، أو
ترتين أي حق عيني أصلي عليه أو تبعي... وتكون تصرفاته نافذة في حق الموعود".
([36]) قضت محكمة
التمييز بأنه "لا يجوز لأحد العاقدين فسخ العقد بإرادته المنفردة إلا
بالتراضي، أو التقاضي، أو بمقتضى نص في القانون عملا بالمادة 241 من القانون
المدني الأردني لسنة 1977. إن التضمينات التي تستحقها المدعية مقابل ما لحق بها من
ضرر من جراء الفسخ المخالف للقانون هو الضرر و الخسارة اللاحقة فعلا دون الربح
الذي أضحت محرومة منه". تمييز حقوق رقم 523/82. مجلة نقابة المحامين. سنة
1982. ص 1565.
([42]) وهذا النوع من
التصرف يطلق عليه التصرف الصوري، و بالأخص هذه هي الصورية بطريق المضادة التي ترد
على أحد أركان العقد أو ترد على شرط من شروطه. انظر في تفصيل الصورية ياسين
الجبوري. الوجيز في شرح القانون المدني الأردني, الجزء الثاني: آثار الحقوق
الشخصية، أحكام الالتزامات، دراسة موازنة، الطبعة الأولى، الإصدار الأول 2003 ب.
دار الثقافة، عمان.
على الصفحة 566 من عدد الجريدة الرسمية
رقم 2089 بتاريخ 16/4/1968م. القانون المعدل رقم 5
لسنة 1990م.
([52]) وذلك بموجب نص
المادة 16/3 من قانون تسوية الأراضي والمياه الأردني رقم 40 لسنة 1952م،
والتي تنص على أنه "في الأماكن التي تمت التسوية فيها لا يعتبر البيع
والمبادلة والمقاسمة في الأرض أو الماء صحيحاً إلا إذا كانت المعاملة قد جرت في
دائرة التسجيل" وكذلك الحال بالنسبة للمنقولات التي تحتاج إلى تسجيل كبيع
المركبات بحسب نص المادة 14/1 من قانون السير رقم 14 لسنة 1984م.
وانظر تمييز حقوق رقم 865/91 المنشور على الصفحة 674 من مجلة نقابة المحاميين لسنة
1993م،
والذي جاء فيه أنه "يعتبر البيع خارج دائرة الترخيص بموجب عقد بيع خارجي
باطلاً عملاً بالمادة الرابعة من قانون السير رقم 14 لسنة 1984".
بارك الله فيكم ... الثقافة القانونية ملك الجميع... خطوة في الاتجاه الصحيح
ReplyDeleteالقانون المدني
من أهم القوانين صراحة سيما وانه الشريعة العامة للقوانين وهو روح القانون في المجتمع