ماهية
خطاب الضمان:
يعتبر
خطاب الضمان من الصور الهامة للكفالة المصرفية، لأنه عندما يتعهد أحد الأشخاص بتنفيذ
مشروع معين أو بتوريد بضائع، فإن رب العمل أو المشتري، يطلب منه أحياناً دفع مبلغ
كتأمين نقدي يكون في أغلب الأحيان مرهقاً للمقاول أو المورد، فقد يكون المبلغ
المطلوب غير مقدور على تأمينه، مما دعت الحاجة الى خطابات الضمان لتكون بديلاً عن
التأمينات النقدية وسند قوته أنه صادر عن مصرف، لأن في خطاب الضمان تعهد من المصرف
لصالح شخص آخر يسمى المستفيد، يضمن فيه المقاول لتنفيذ التزاماته في عملية معينة.
مفهوم
خطاب الضمان:
تتعدد
التعريفات بشأن مفهوم خطاب الضمان ولكنها تنتهي جميعاً الى أنه: "تعهد كتابي
نهائي غير قابل للرجوع فيه يصدر من بنك بناء على طلب عميله الآخر يتعهد بمقتضاه
بأن يدفع لطرف ثالث يسمى المستفيد مبلغاً محدداً من المال عند أول طلب يتسلمه في
خلال فترة سيريان خطاب الضمان ودون الالتفات الى أية معارضة من قبل عميل البنك
(الآخر)".
وعرفه
البعض على أنه: "تعهد صريح من أحد البنوك، بأنه يقبل دفع مبلغ معين الى
المستفيد، الذي يصدر الخطاب لصالحه، وذلك بناء على طلب العميل طالب الضمان في حالة
عدم قدرته على الوفاء بالتزاماته تجاه المستفيد، خلال فترة زمنية محددة، عادة ما
يتم تحديدها في الخطاب، ويحصل البنك مقابل إصدار خطاب الضمان على عمولة، في شكل
نسبة مئوية من قيمة خطاب الضمان، أو من رصيد العميل (طالب خطاب الضمان)".
وقد
أوردت المادة 355 من أحكام قانون التجارة المصري رقم 17 لسنة 99 تعريف خطاب الضمان
كما يلي "خطاب الضمان تعهد مكتوب يصدر من البنك بناءً على طلب شخص يسمى
(الآخر) بدفع مبلغ معين أو قابل للتعيين بشخص آخر يسمى (المستفيد) إذا طلب منه ذلك
خلال المدة المعينة في الخطاب ودون اعتداد بأية معارضة).
أما
المشروع الفلسطيني فقد عرف خطابات في مشروع قانون التجارة الفلسطيني على النحو
التالي:" خطاب الضمان تعهد مكتوب، يصدر من المصرف بناءً على طلب شخص يسمى
الآمر بدفع مبلغ معين أو قابل للتعيين لشخص آخر يسمى المستفيد، إذا طلب منه ذلك
خلال المدة المعينة بالخطاب دون اعتداد بأية معارضة".
ومن
خلال هذه التعريفات يتبين أن خطاب الضمان عبارة عن تعهد يصدر من مصرف بناءً على
طلب أحد المتعاملين (الآمر) بدفع مبلغ معين أو قابل للتعيين لشخص آخر يسمى
(المستفيد) دون قيد أو شرط إذا طلب منه ذلك خلال المدة المعينة في الخطاب.
الأركان- والأطراف
وتجدر
الإشارة الى أن الحاجة الى خطاب الضمان تظهر عندما يجد شخصاً ما نفسه ملزماً
بتقديم ضمان مصرفي الى شخص آخر كي يقبل هذا الأخير منحه أجلاً أو مزية التعاقد معه
أو السماح له بالمشاركة في مناقصة... أو غير ذلك، حيث يلجأ المطلوب منه الضمان الى
المصرف ليبرم معه عقد اعتماد بالضمان يتفق بموجبه على أن يقوم المصرف بإصدار خطاب
ضمان لمصلحة مستفيد معين وفق شروط تحدد في عقد خطاب الضمان.
ومما
سبق يكمن القول أن خطاب الضمان يحقق فائدة كبيرة لجميع أطرافه وذلك على النحو
التالي:
- بالنسبة
للعميل: إن عدم تجميد مبالغ نقدية كبيرة كضمان
للأعمال التي يقوم بها العميل يؤدي الى فوائد كبيرة بالنسبة إليه، إذ يستطيع أن
يستثمر هذه الأموال بدلاً من تجميدها لدى الجهة المتعاقد معها، كما أن العمولة
التي يتم دفعها للبنك مقابل إصداره لخطاب الضمان أقل من سعر الفائدة التي يتم
دفعها في حال القرض.
- بالنسبة
للمصرف: كما أن المصارف تستفيد من جراء إصدار
خطابات الضمان، حيث تتقاضى عمولات وفوائد من عملائها مقابل إصدارها لخطابات
الضمان، دون أن تقدم مبالغ نقدية بصورة فعلية، إذ لا يقوم المستفيد في العادة
بمصادرة قيمة خطاب الضمان، ويكون كل ما قدمه البنك إعادة توقيعه، وحتى لو تمت
مصادرة قيمة خطاب الضمان من قبل المستفيد، فإن المصرف يكون قد احتاط لنفسه إذ
يحتفظ عادة بغطاء كما سيتبين لاحقاً.
- بالنسبة للمستفيد: إن حصول المستفيد على خطاب الضمان من
بنك أو مؤسسة مالية معتمدة يعتبر ضماناً كافياً له، لأن هذا يوازي الضمان النقدي.
بل إنه قد يكون أفضل لها من الضمان النقدي لما يثير ذلك من مشاكل الإيداع والسحب
وغير ذلك.
ومما
تقدم نستنتج أن خطاب الضمان يتمتع بالعديد من الصفات والخصائص وهذه الخصائص سوف
يتم التعرض لها من خلال المطلب التالي.
خصائص
خطاب الضمان:
يتميز
خطاب الضمان بعدد من الخصائص ترتبط بوظائفه ودوره وطبيعة العلاقات بين أطرافه كما
تتعلق بالممارسات العملية والأعراف المصرفية المستقرة بشأن خطابات الضمان وأهم هذه
الخصائص ما يلي:
1. خطاب الضمان اسمي وشخصي لصالح المستفيد
منه: وهذا يعني أن الآمر حينما اتجهت إرادته لطلب إصدار خطاب الضمان لترجمة عقد
الأساس المبرم بينه وبين المستفيد، إنما كان يستهدف مستفيد بعينه، ومن ثم فإن شخص
المستفيد محل اعتبار في التعامل ولذا فإنه لا يمكن للمستفيد في خطاب الضمان أن
يتنازل عنه لطرف آخر كما لا يجوز له تظهيره لغيره.
2. خطاب الضمان تعهد مكتوب من البنك الذي
أصدره، فلا يمكن أن يصدر إلا مكتوباً وعلى محررات ونماذج البنك الذي أصدره.
3. أنه لغرض محدد: يصدر خطاب الضمان لخدمة
غرض محدد يقصده الآخر والمستفيد وهو الغرض الذي يجد جوهره في عقد الأساس والذي
يشكل مناط العلاقة بين الآخر الآمر بإصدار الخطاب والمستفيد منه.
4. موضوع خطاب الضمان مبلغ من النقود معين أو
قابل للتعيين: يعتبر التزام المصرف بموجب خطاب الضمان التزاماً مضمون نقدي من جهة
وذا مدى زمني من جهة أخرى، فالتزام المصرف منقطع الصلة بكيفية تنفيذ العميل الآخر
لالتزامه تجاه المستفيد، فلا يعتبر ما تعهد المصرف بدفعه تعويضاً للمستفيد عن عدم
تنفيذ العميل الآخر أو إساءة هذا التنفيذ، بل يعتبر التزام المصرف بدفع الخطاب
مجرداً عن التزام العميل الآخر، إنما كانت مديونية العميل تجاه المستفيد.
5. استقلال علاقة البنك بالمستفيد يترتب على
استقلالية علاقة البنك بالمستفيد نتائج في غاية الأهمية، فالتزام البنك تجاه
المستفيد التزاماً أصلياً.
أي
أنه لا يجوز الدفع في مواجهة المستفيد بالدفوع التي تكون للعميل في مواجهة
المستفيد نتيجة لعلاقتهما بموجب عقد الأساس. فإذا كانت إرادة العميل مشوبة بعيب من
عيوب الإرادة عند التوقيع على عقد الأساس مع المستفيد فإن ذلك لا يؤثر على التزام
البنك قبل المستفيد. كذلك لا يجوز الدفع في مواجهة المستفيد بالدفوع التي تكون
للبنك في مواجهة العميل نتيجة لعلاقتهما بموجب عقد الضمان.
وقد
أشارت الى أن هذه الاستقلالية محكمة النقض المصرية حيث نصت: "البنك في
التزامه بخطاب الضمان إنما يلتزم أصلاً قبل المستفيد بلا بوصف كونه نائباً عن
عميله فإذا قام البنك بصرف مبلغ الضمان للمستفيد فإنه ليس للعميل أن يتحدى بوجوب
اعذاره هو قبل صرف مبلغ التعويض المبين في خطاب الضمان".
6. الكفاية الذاتية: ويقصد بذلك أن الالتزام
الثابت في خطاب الضمان غير قابل للنقض أو الطعن به إلا بالتزوير، وبذلك فإن
المستفيد من خطاب الضمان لا يحتاج الى قرار من المحكمة حتى يصبح قابلاً للتنفيذ.
7. استحقاق خطاب الضمان فور وصوله الى علم
المستفيد بموجب هذه الخاصية فإن المستفيد يستطيع أن يصادر قيمة خطاب الضمان بمجرد
علمه به، أما قبل علم المستفيد به فلا يعتبر المصرف ملتزما به، ويترتب على ذلك أن
خطاب الضمان لا يجوز أن يحتوي على تاريخ استحقاق، وإذا وجد مثل هذا الشرط فإنه
يعتبر لاغياً، كما أنه لا يجوز تعليقه على شرط، وإذا احتوى خطاب الضمان على شرط فإنه
يفقد صفته كخطاب ضمان.
8. يمكن تعديل خطاب الضمان وتحديده: من
الخصائص الأخرى لخطاب الضمان أنه يمكن العمل على تمديده أو تعديله إذا تلاقت إرادة
أطرافه على ذلك، ففي بعض الحالات يجد الآمر بإصدار خطاب الضمان والمستفيد على أن
تنفيذ عقد الأساس المبرم بينهما والذي صدر خطاب الضمان لأجله يحتاج الى مزيداً من
الوقت لإنجاز عقد الأساس وعليه يرغبان في مد أجل خطاب الضمان، فيقوم البنك بمد
الأجل حفاظاً على عدم تسييله وتحمل المصرف مخاطر عدم قيام الآمر بتغطية الجزء غير
المغطى من خطاب الضمان، أو تجنباً لأي نزاعات مع الآخر.
من
خلال هذا المبحث تبين لنا أن خطاب الضمان هو تعهد يصدر من المصرف بناءً على طلب
العميل (الآمر) لمصلحة شخص آخر يسمى المستفيد بدفع مبلغ من المال خلال فترة محددة.
وقد
تبين أيضاً أهمية خطاب الضمان في الحياة العملية لكافة الأطراف العميل (الآمر)
والمستفيد والمصرف وأخيراً تبين لنا الخصائص التي يتمتع بها خطاب الضمان.
No comments:
Post a Comment